الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب على الإمام وكل من أقيم على عمل من الأعمال أن يراعي جانب السنة فيه وأن لا يخضع لأحد لمخالفة السنة ول بأس إذا دعت الضرورة والحاجة أحياناً أن يخفف كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك، أما في الأحوال الدائمة المستمرة فلزوم السنة هو مقتضى الإمامة، فكن ملازماً لفعل السنة وأخبر التاس أنهم إذا صبروا على هذا نالوا ثواب الصابرين على طاعة الله، ولو ترك التخفيف وعدمه إلى أهواء الناس لتفرقت الأمة شيعاً، ولكان الوسط عند قوم تطويلاً عند الآخرين، فعليك بما جاء بالسنة وهي معروفة ولله الحمد. ولهذا أنصح كل إمام يتولى إمامة المسلمين في المساجد أن يحرص على قراءة ما كتبه العلماء في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل كتاب الصلاة لابن القيم وهو كتاب معروف، وكذلك ما ذكره رحمه الله في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد). . فأجاب فضيلته بقوله: استدلاله بهذا الحديث غير صحيح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما قاله في حق من يطيل إطالة زائدة على المشروع، فأما الإطالة الموافقة للمشروع فإنها إطالة مشروعة مستحبة. ولهذا يأتي بعض الأئمة يقول: إن الناس يقول لي: لا تقرأ في الفجر يوم الجمعة سورة (آلم تنزيل) السجدة في الركعة الأولى و) هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ) (الانسان: من الآية1) في الركعة الثانية هذا يطول علينا، يأتي بعض الأئمة يشكو من بعض أهل المسجد لا الإمام، فالإمام إذا قرأ هاتين السورتين في فجر يوم الجمعة لا يعد مطيلا بل يعد ذا طول – بفتح الطاء – أي ذا فضل على الجماعة لكونه أتى بالسنة التي شرعها النبي -صلى الله عليه وسلم-. كذلك بعض الناس في صلاة الجمعة إذا قرأ الإمام سورة الجمعة والمنافقين صار يشكو من الغمام ويقول: أطال بنا مع أن هذا مما ثبتت به السنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يعد إطالة، بل هو طول وفضل من الإمام يتفضل به على نفسه، وعلى من وراءه حيث أتى بالقراءة المشروعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ربما نقول ينبغي للإمام أن يراعي حال الناس في أيام الصيف، وأيام الشتاء الباردة فإذا رأى أنه لو قرأ بهاتين السورتين في الجمعه في أيام الصيف لحق الناس من الغم والحر ما يزعجهم، ويشغلهم عن صلاتهم ففي هذه الحال يعدل إلى سور أخري أقصر، وكذلك في أيام الشتاء الباردة إذا رأي أن بعض الناس قد يكون محتاجا إلى قضاء الحاجة بسبب البرد، وطول المكث في المسجد فإنه يعدل إلى قراءة سور أخري أقصر مراعاة لهذه الحال العارضة. فأجاب فضيلته بقوله: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد الحرام، وصلاة الرجل النوافل في بيته أفضل من صلاتها في المسجد الحرام، ودليل ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وليعلم أن الفضل يكون بالكمية، ويكون بالكيفية، فصلاة المرأة في بيتها من حيث الكيفية أفضل من صلاتها في المسجد من حيث الكمية، وصلاة الرجل النوافل في بيته أفضل من حيث الكيفية من صلاته في المسجد من حيث الكمية، ولذلك نقول أن المرأة إذا صلت في البيت فهو أفضل من الصلاة في المسجد الحرام وثوابه أكثر من ثواب المسجد الحرام، لكن بالكيفية لا بالكمية. فصلاتي النافلة في البيت أفضل من صلاتي في المسجد الحرام من حيث الكيفية. ولكن بالنسبة لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ولكن الصحيح أن الحديث عام شامل للفرض والنفل، لكن لا يعني ذلك أن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في البيت، لكن يعني ذلك أن الرجل لو دخل المسجد الحرام وصلى ركعتين فتسمى هذه تحية المسجد، ثم صلى في مسجد آخر في غير مكة ركعتي تحية المسجد، فتحية المسجد في المسجد الحرام أفضل بمائة ألف تحية في المساجد التي خارج الحرم. فلو تقدم رجل إلى المسجد، والإمام لم يأت بعد، وجعل يتنفل ما بين المسجد إلى إقامة الصلاة صلى ما شاء الله أن يصلي في المسجد الحرام، ودخل رجل آخر في مساجد الأخرى، هذا هو معنى الحديث أن الصلاة متى كانت في المسجد الحرام فهي بمائة ألف صلاة فيما عداه، لكن لا يعني ذلك أن ندع بيوتنا ونأتي من صلي في المسجد الحرام فيما لا تشرع فيه الجماعة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأود أن أنهبه إلى مشهور بين الحجاج وبين العمار: اشتهر عندهم أن تحية المسجد الحرام الطواف، وهذا غير صحيح، فتحية المسجد الحرام، الطواف يعني إذا دخلت المسجد الحرام تريد الطواف أغناك الطواف عن تحية المسجد الحرام، أما إذا دخلت المسجد الحرام للصلاة، أو لسماع الذكر أو أشبه ذلك فتحيته كغيره، تكون بركعتين، وإذا دخل المعتمر المسجد الحرام فيبدأ بالطواف؛ لأنه دخل للطواف، وإذا دخل من ينتظر الصلاة يصلي ركعتين؛ لأنه لم يدخل للطواف لكن مع ذلك لو ذهب وطاف قلنا: إن ذلك مجزئ عن الركعتين. فأجاب فضيلته بقوله: إذا اجتمع حالق لحية وشارب دخان، واتفقا في الصفات المقتضية لتقديم أحدهما في الإمامة، فشارب الدخان أولى بالإمامة؛ لأن معصيته أهون من عدة أوجه: أحدهما: أن تحريم حلق اللحية دلت عليه السنة بخصوصه بخلاف تحريم شرب الدخان فليس فيه نص بخصوصه، بل هو داخل في العمومات. الثاني: أن حالق اللحية مجاهر بمعصيته، وأثارها بادية عليه باستمرار في حالة نومه، ويقظته، وعبادته، وفراغه، أما شارب الدخان فإنما يشربه في فترات فليست السجارة دائماً في فمه، وقد يخفيه عن بعض الناس. الوجه الثالث: أن حلق اللحية تغيير للمظهر الإسلامي في الفرد والجماعة، وعدول به عن مظهر الأنبياء والمرسلين، والذين اتبعوهم بإحسان، وهذا أمر زائد على كونه مجرد معصية. الوجه الرابع: أن حلق اللحية تشبه بأعداء الله تعالى من المجوس، والمشركين، وتحويل للمظهر الإسلامي إلى مظهر شرك ومجوسية، فهو معصية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتشبه بأعداء الله عز وجل، وهاتان مفسدتان: المعصية، و التشبه. الوجه الخامس: أن في حلق اللحية تغييراً لخلق الله تعالى وهو من أوامر الشيطان كما قال تعالى عنه فهذه الوجوه الخمسة كلها تدل على أن شارب الدخان أهون معصية من حالق اللحية فيكون أولى بالإمامة من حالق اللحية إذا تساوياً في الصفات المرجحة. في 24 / 11 / 1399هـ. فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: السحر محرم، ومن ما هو كفر كما قال الله تبارك وتعالى: فعليه أن يتوب إلى الله، وعيه أن يدع هذا العمل، ومن تاب، وعمل صالحاً مؤمنا بالله عزوجل فإن الله يبدل سيئاته حسنات. وليعلم أنه لا يمس أحداً بسوء إلا كان عليه وزره، وربما يملى لهذا الساحر فلا يعاجل بالعقوبة فتؤخر عقوبته إلى الآخرة نعوذ بالله. أما سؤال السائل حيث يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام يتعامل بالسحر؟ فإن كان هذا السحر يبلغ به الكفر فلا تجوز الصلاة خلفه؛ لأنه كافر، لا صلاة له، لا تقبل صلاته، ولا يصلح لأن يكون إماماً. وأما إذا كان سحره لا يبلغ الكفر فهذا ينبني على خلاف العلماء في فاعل الكبيرة إذا لم يتب منها هل يصلي خلفه أم لا؟ ولكن يجب أن نصلح هذا الساحر قبل أن نسأل هل نصلي خلفه أم لا. فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس بالصلاة خلفه، وإن وجد إمام أتقى منه في مسجد آخر فاذهب إليه ولا تجوز إقامة جماعة أخرى في مسجد ذلك الإمام. حرر في 27 / 10 / 1409 هـ. فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة خلف المسلم وإن فعل بعض المعاصي جائزة وصحيحة على القول الراجح، ولكن الصلاة خلف من كان مستقيماً أفضل بلا شك، أما إذا كان الإنسان يستعمل أشياء مكفرة تخرج من الملة الإسلامية فإنه لا تجوز الصلاة خلفه، وذلك لأنه صلاته غير صحيحة، فإن من لم يكن مسلماً فصلاته غير صحيحة، وإذا كانت صلاة الإمام غير صحيحة، فإنه لا يمكن الاقتداء به؛ لأنك تقتدي بغير إمام وتنوي الإمامة بغير إمام. فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحديث الذي أشار إليه السائل (صلوا وراء كل بر وفاجر) لا أصل له بهذا اللفظ. ولكن لا شك أن الصلاة خلف من هو أتقى لله، وأقوى في دين الله أفضل من الصلاة خلف المتهاون بدين الله. وأهل البدع ينقسمون إلى قسمين: أهل بدع مكفرة، وأخرى غير مكفرة. فأما أهل البدع المكفرة: فإن الصلاة خلفهم لا تصح، لأنهم كفار لا تقبل صلاتهم عند الله فلا يصح أن يكونوا أئمة المسلمين. وأما أهل البدع غير المكفرة فالصلاة خلفهم تنبني على خلاف العلماء في الصلاة خلف أهل الفسق. و الراجح أن الصلاة خلف أهل الفسق جائزة، إلا إذا كان في ترك الصلاة خلفهم مصلحة، مثل أن يكون ذلك سبباً في ردعهم عن فسقهم، فإن الأولى هنا أن لا يصلي خلفهم. فأجاب فضيلته بقوله: الأصل في هذه المسألة أن نقول: إن كل من صحته صلاته من المسلمين صحت إمامته، لا سيما إذا كان الإنسان يجهل حال الإمام، وأما من لا تصح صلاته من أهل البدع الذين تصل بدعتهم إلى الكفر، فهؤلاء لاتصح الصلاة خلفهم لعدم صحة صلاتهم. وهذا الرجل الذي يتداوى بالشعوذة والتمائم، نقول: هو يتداوى بأمرين: التمائم و الشعوذة، أما الشعوذة فمحرمة بلا شك لما فيها من الخداع، وربما يكون فيها شيء يوصل إلى الكفر، كما لو استخدم الشياطين، وتقرب إليهم بالذبح والدعاء وما أشبه ذلك. وأما التمائم: فإن كانت من القرآن، أو من الأدعية المشروعة فقد اختلف العلماء فيها: فمنهم من أباحها، ومنهم من منعها، و الصحيح المنع، ولكن لا تصل إلى أن ينفر من الصلاة خلف الإمام الذي يستعملها. أما إذا كانت التمائم من الرقى الشركية البدعية، فإنه لا يجوز استعمالها قولاً واحداً، وعلى الإنسان أن يتوب إلى الله تعالى من فعلها ويبتعد عنها. فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة خلف من يجيز التوسل إن كان يجيز التوسل الشركي كمن يدعو الأنبياء والأولياء ويزعم أن ذلك توسل فلا شك أنه لا تجوز الصلاة خلفه؛ لأن من أجاز الشرك فقد كفر. وإن كان يجيز التوسل الجائز فلا إشكال في صحة الصلاة خلفه. وإن كان يجيز التوسل المختلف فيه فهذا ينظر في حاله، ولا يمكن ضبط هذه المسألة إلا في كل قضية بعينها. فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان هذا الإمام لا يفعل أو يقول في المولد ما تقضي الكفر فإن الصلاة خلفه؛ لأن بدعته غير مكفرة. وإن كان يقول ويفعل ما يقتضي الكفر، مثل أن يسجد للرسول -صلى الله عليه وسلم- أو يدعوه، أو يصفه بما لا يكون إلا لله تعالى، كأن يصفه بأنه يعلم الغيب أو ينقذ من الشدة، أو نحو ذلك، فإن الصلاة خلفه لا تصح، لأنه لا تصح صلاته، ومن لا تصح صلاته لا يصح أن يكون إماماً. حرر في 24 / 7 / 1407 هـ. فأجاب فضيلته بقوله: جواب هذا السؤال يتوقف على شيئين: الأول: هل شرب الدخان محرم؟ والثاني: هل الإصرار عليه يخرج من العدالة إلى الفسق؟ ويتفرع على هذا هل تصح إمامة الفاسق؟ فأما الشيء الأول: فإن الناس مختلفون في شربه هل يحرم، أم يكره، أم يختلف الحكم فيه؟ والذي يقتضيه ظاهر الأدلة التحريم لما فيه من التعرض للأضرار البدنية، وإضاعة المال بلا فائدة، وملازمة الرائحة الخبيثة، وثقل كثير من العبادات على صاحبه وخصوصاً الصيام والتعرض لبذل ماء الوجه، وهذا الدخان إلى الخبيث أقرب منه إلى الطيب، كما معترف به عند الجميع، وقد حرم الله علينا الخبائث. وأما الشيء الثاني: وهو هل الإصرار عليه يعد فسقاً؟ فإنه متى تقرر تحريمه، فإنه ليس من الكبائر، ولكن من الصغائر، وقد نص العلماء على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة، لما في ذلك من الدلالة على أن صاحبها لم يقم في قلبه من تعظيم الله ما يوجب انكفافه عنها، وحينئذ فالمصر على الصغيرة يحكم بفسقه، وإمامة الفاسق فيها خلاف بين العلماء: فالمشهور من المذهب أنها لا تصح إلا في الجمعة والعيد، إذا تعذر فعلهما خلف غيره. والصواب جواز ذلك، لأنه لا دليل صحيح على المنع من الصلاة خلف الفاسق، والأصل عدم اشتراط العدالة؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال والصحابة – رضي الله عنهم – كانوا يصلون خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون كما كان ابن عمر وأنس يصليان خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك عبدالله بن مسعود كان يصلي خلف الوليد بن عتبة بن أبي معيط وهو يشرب الخمر. وعلى هذا فالصلاة خلف شارب الدخان صحيحة على القول الذي رجحناه. ولكن لا ريب أن غيره أولى منه إذا كان يقيم واجبات الصلاة القولية والفعلية. فأجاب فضيلته بقوله: هذا الإمام الذي يصلي في الجامع إن كان يدعو إلى بدعته المخلفة لعقيدة السلف فلا تصل خلفه إلا أن تخشى الفتنة، وإن كان لا يدعو إلى بدعته فإن أصر عليها بعد بيان الحق له فلا تصل خلفه أيضاً، وإن لم يبين له الحق فصل خلفه؛ لأنه يظن أنه على صواب ولم تقم عليه الحجة. فأجاب فضيلته بقوله: الواجب عليكم نصيحة إمامكم وتخويفه من الله – عز وجل - وأن تبينوا له أن دعاء الأموات شرك أكبر مخرج من الملة مخالف للسمع والعقل، قال الله تعالى: فهذه وأمثالها أدلة سمعية تدل على بطلان دعاء غير الله وعلى ضلال فاعل ذلك. وأما الدليل العقلي فهذا المدعو بشر مثلك كان بالأمس وهو حي لا يستجيب لك فيما لا يقدر عليه فكيف وهو ميت. وإني لأسأل الله تعالى أن يهديه الصراط المستقيم. وأما الصلاة خلفه فتنبني على الحكم عليه. فأجاب فضيلته بقوله: إن حصل إمام أتقى لله منه فالصلاة خلفه أولى بلا شك، و إن لم يحصل، أو دخلت مسجد جماعة وكان الذي يصلي بهم هو هذا الرجل الحليق أو المسبل فلا حرج أن تصلي خلفه؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن الفاسق تصح إمامته، وأن كان الأتقى أولى منه. فأجاب فضيلته بقوله: إسبال الثياب محرم، ولا فرق أن يسبل الإنسان خيلاء تيهاً وتبختراً، أو أن يسبله عادة سار عليها مقلداً فيها غيره، لكن إن كان خيلاء فإن الله لا يكلمه ولا يزكيه ولا ينظر إليه يوم القيامة، وله عذاب أليم كما ورد في الحديث، وإن كان لغير الخيلاء فيعذب بالنار فيما وقعت فيه المخالفة، فعلى هذا يجب على الرجل أن يرفع لباسه أعلى من كعبيه، وقد رأى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – شاباً قد نزل إزاره على الأرض، فقال (ردوا على الغلام، فقال: يابن أخي أرف ثوبك، فإنه أبقى لثوبك، وأتقى لربك). فإن رفع الثوب فائدتين: الأولى: تقوى الله عز وجل. الثانية: أنه أوفر للثوب له من التقطع و التمزق. وإذا كان الإسبال حراماً فإن أهل العلم اختلفوا في صلاة المسبل. فبعض أهل العلم يرى أن صلاته تبطل؛ لأن من شرط الساتر أن يكون مباحاً، ساتراً طاهراً، فالمحرم لا يحصل الستر به؛ لأنه ممنوع من لبسه، والنجس لا يحصل الستر به؛ لأنه يجب اجتناب النجاسة، والشفاف لا يحصل الستر به كما هو ظاهر. وقال بعض العلماء: إن صلاة المسبل تصح، ولكن مع إصراره على ذلك يكون فاسقاً، وإمامته لا تصح عند بعض العلماء، ولكن إذا وجدته يصلي فادخل معهم، والإثم عليه، وأنت صلاتك صحيحة؛ لأن من صحت صلاته صحت إمامته. وأما حالق اللحية لا يجوز لأنه معصية للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه بقوله -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: هذا العمل سليم و لا بأس به؛ لأن الصلاة تصح خلف المدخن، وصلاة المدخن صحيحة، ومن صحت صلاته صحة إمامته؛ لأن المقصود أن يكون إماما لك وهذا يكون بصحة الصلاة، ولهذا لو وجدت شخصاً يشرب الدخان، أو حالق اللحية، أو يتعامل بالربا، أو ما أشابه ذلك فلا حرج عليك أن تصلي معه وصلاتك صحيحة. وأما الصلاة خلف المسبل الذي ينزل ثوبه ففي صحة صلاته نظر عند بعض العلماء؛ لأن الإسبال يعود إلى معنى يتعلق بالصلاة، فإن الثوب من شروط الصلاة – أي ستر العورة – لقوله تعالى: وبهذه المناسبة أود أن أوجه النصيحة لكافة إخواني المسلمين أن يتوبوا إلى الله من إسبال ثيابهم و مشالحهم وسراويلهم، فإن هذا فيه وعيد ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فما سواء لبسه على سبيل الخيلاء، أو على غير سبيل الخيلاء، فما أسفل الكعبين ففي النار، أما إذا جر ثوبه خيلاء فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم. وعلى ذلك فأنني أنصح مثل هؤلاء الأئمة الذين امتن الله عليهم بهذا اللباس – ومن شكر الله سبحانه وتعالى – أن لا يجعلوه وسيلة لما يخالف أوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم-. وأما شروط الإمامة فنقول من صحت صلاته صحت إمامته، اللهم إلا المرأة لا تكون إماماً للرجال، وبناء عليه فتصح إمامة الصبي ولو كان دون البلوغ. فأجاب فضيلته بقوله: إن أهل العلم اختلفوا في صلاة خلف الفاسق الذي يتمادى بالمعصية الصغيرة ويصر عليها، أو يقع في كبيرة ولم يتب منها، اختلفوا في الصلاة خلفه على قولين: أحدهما: أن الصلاة خلفه لا تصح لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى أن يؤم الرجل المؤمن رجل فاجر. ولأن هذا لا تقبل شهادته، و لاتصح ولايته، فلم يكن أهلاً لأن يتولى الإمامة على المسلمين. الثاني: وذهب بعض أهل العلم إلى صحة صلاة خلف الفاسق مادام فسقه لم يخرجه إلى الكفر، وذلك لأن الأصل في المؤمن الذي تصح صلاته، أن تصح إمامته إلا إن قام الدليل على المنع منه، والدليل هنا غير قائم. والحديث الذي احتج به المانعون ضعيف ليس بحجة. وأما التعليل الذي عللوا به، فإنه في الجواب عنه إن الولاية على نوعين: النوع الأول: ولاية يكون فيها الإنسان مطلق التصرف فهذه قد لا تصح للفاسق. النوع الثاني: ولاية لا يكون فيها مطلق التصرف، بحيث ينكر عليه كل أحد رآه مخالفاً لما يجب أن يكون عليه في هذه الولاية، فإن ولايته فيها تصح، فقد ثبت أن الصحابة – رضي الله عنهم - والصواب عندنا أن الصلاة خلف الفاسق، لكن الصلاة خلف غير أولى وأكمل. عنهم – صلوا خلف أهل الفسوق، وهذا يدل على أن القول هو الصحيح الذي لا يسع الناس اليوم العمل إلا به. و لأننا لو طبقنا هذا الشرط على الأئمة لما وجدنا إلا النادر النادر ممن تصح إمامته؛ لأن أكثر الناس لا يخلو من بعض المعاصي إصراراً عليها، أو من بعض الكبائر، فمن الذي يسلم من الغيبة مثلاً؟ !ومن الذي يسلم من تقصير في وظيفته والمحافظة عليها؟ !ومن الذي يسلم من بغض أهل الحق لمجرد هوى يهواه؟ !إلى غير ذلك من أسباب الفسق، فإن الخلو منها والسلامة منها أمر نادر. والصواب عندنا أن الصلاة تصح خلف الفاسق، لكن الصلاة خلف غيره أولي وأكمل. أما بالنسبة لهذا الرجل الذي وصفت حاله، فإنه إذا كان مصراً على أمر ثبت تحريمه بالكتاب، والسنة يكون بذلك فاسقاً، فإن كان من كبائر الذنوب صار بمجرد فعله، إذا لم يتب منه، وإن كان من الصغائر لم يكن فاسقاً إلا إذا أصر عليه، هذا ما قرره أهل العلم، ونسأل الله لنا وله الهداية. فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أنه لا يجوز أن تكون المرأة إماماً للرجل سواء كان صغيراً أم كبيراً، وبناء على ذلك فإنه في هذه الحال إذا أرادت المرأة إذا أرادت أن تصلي جماعة فإنها تجعل هذا الصبي هو الإمام، وتصلي خلفه؛ لأن إمامة الصبي جائزة حتى في الفريضة، فقد ثبت من حديث عمرو بن سلمة الجرمي أنه قال: قال أبي: جئت من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً - لأن أباه كان وافداً مع الوفود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنة تسع من الهجرة – فقال: جئتكم من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً، وقال فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للنساء أن يصلين جماعة. ولكن هل هذا سنة في حقهن، أو مباح؟ بعض العلماء يقول: إنه سنة، وبعض العلماء يقول: إنه مباح. والأقرب أنه مباح؛ لأن السنة ليست صريحة في ذلك، فإن أقمن الصلاة جماعة فلا بأس، وإذا لم يقمن الصلاة جماعة فهن لسن من أهل الجماعة. فأجاب فضيلته بقوله: المرأة لا تؤم الرجال مطلقاً فأجاب فضيلته بقوله بقوله: نعم تصح إمامة الصبي بمن هو أكبر منه سناً، لكن إن كان الذي هو أكبر سناً منه قد بلغ فإن المشهور في المذهب أنها لا تصح إمامة الصبي به في الفرض خاصة، والصحيح جواز ذلك، وصحته في الفرض والنفل، ويدل لذلك حديث عمرو بن سلمة الجرمي أنه كان يؤم قومه وهو ابن ست، أو سبع سنين، لأنه كان أكثرهم قرآناً، رواه البخاري وأبو داود والنسائي، وكان ذلك في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يمكن أن يقرر في زمن الوحي شيء لا يجوز. فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز لك أن تتقدم بهم إماماً؛ لأنك خطيبهم، والذي يطهر من حالك أنك أقرؤهم، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- ولكن إن كان الإمام هو الإمام هو الإمام الراتب فإنك لا تؤمهم إلا بعد موافقته، لقوله -صلى الله عليه وسلم- وإلا فإنه ينظر: فإن كان لديه لحن يحيل المعنى فإنه يعلم إن كان بالإمكان تعليمه، وإلا فإن الأمر يرفع للمسؤولين عن المساجد. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: الواجب في مثل هذا أن يصلي بهم القارئ المقعد لقوله -صلى الله عليه وسلم- فإن قيل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو إمام الحي ونحن نقول بصحة ذلك منه. فالجواب: أن لا دليل على التفريق بين إمام الحي وغيره، ثم إن عموم قوله -صلى الله عليه وسلم- يدل على لا فرق بين إمام الحي وغيره، فمن ادعى خروج غير الإمام الحي فعليه بالدليل. وبهذا التقرير الذي ذكرنا يتبين أنه لا دليل على أنه لا يصح أن يأتم القادر على القيام بالعاجز عنه. فأجاب فضيلته بقوله: المشهور من المذهب أن العاجز عن الشرط، أو الركن لا يكون إماماً للقادر. ولكن ليس في هذا دليل يطمئن إليه القلب، والراجح عندي: أنه يجوز، وأن من صحت صلاته صحت إمامته. إلا أن يقوم نص، أو إجماع خلاف ذلك، فيؤخذ بما يقتضيه النص، أو الإجماع، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال الإمام فأجاب فضيلته بقوله: لا تصل خلف إمام يسرع كثيراً بحيث لا يمكنك أن تأتي بالطمأنينة الواجبة. حرر 5 / 9 / 1418هـ. فأجاب فضيلته بقوله: كنعم إذا كان الإمام لا يستطيع القيام وصلى قاعداً من أول الصلاة فإن من خلفه يصلون قعوداً، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ذات يوم يوم بأصحابه قاعداً وهم قيام، فأشار إليهم أن جلسوا، وهذا يدل على أن المأموم مأمور بمتابعة إمامه حتى في هذه الحال. وإنما أسقطنا عنه القيام وهو ركن من أجل متابعة الإمام، كما يسقط عنه الواجب فيما لو أن قام الإمام عن التشهد الأول ناسياً، فإن المأموم يتابعه ويسقط عنه التشهد الأول في هذه الحال. وبهذا عرف أن الإمام إذا كان لا يجلس للاستراحة نوع تخلف عن الإمام. والمشروع للمأموم أن يتابع إمامه فور انتهائه من الركن الذي انتقل منه، ووصوله إلى الركن الذي انتقل إليه، ولا يتخلف، وبهذا تتم المتابعة فيسقط الركن عن المأموم في القيام إذا صلى الإمام جالساً، ويسقط الواجب إذا ترك الإمام التشهد الأول ناسياً، ويسقط المستحب إذا تركه الإمام وكان لا يرى الجلوس للاستراحة، فإن المشروع في حق المأموم أن يتابعه لا يجلس، وأن كان يرى استحباب الجلوس. فالجواب: لا، ارفع يديك؛ لأن رفع يديك لا يقتضي مخالفة الإمام، فإنك سترفع معه، وتسجد معه وتقوم معه بخلاف الذي يقتضي المخالفة. ولهذا لو كان الإمام لا يتورك في التشهد الأخير، أو كان يتورك في كل التشهد يعقبه تسليم، والمأموم يرى أنه يتورك في التشهد الأخير إذا كانت الصلاة ثلاثية، أو رباعية، فإنا نقول للمأموم: افعل ما ترى أنه سنة، وإن خالفت إمامك في صفة الجلوس؛ لأن هذا لا يعد اختلافاً على الإمام. وخلاصة القول: أن الإمام إذا صلى جالساً، فإن المأمومين يصلون جلوساً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ولأنه طبق هذا فعلاً حين صلى الصحابة خلفه قياما ص فأشار إليهم أن جلسوا، هذا إذا ابتدأ الصلاة قاعداً، أما لو ابتدأ الإمام الصلاة قائما ثم حصلت له علة فجلس فهنا يتم المأمومين صلاتهم قياماً. وهذا ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام حين جاء في مرضه وأبو بكر يصلي بالناس قائماً، فجلس النبي عليه الصلاة والسلام إلى يسار أبي بكر، وأتم الصلاة بهم، وقد بقوا على قيامهم، ووجه ذلك أنهم ابتدؤوا الصلاة قياما مع إمامهم، وحصلت العلة في أثناء فيجلس هو، أما هم فيصلون بقية صلاتهم قياماً على أول الصلاة. فأجاب فضيلته بقوله: صل مع هذا المقعد الذي يصلي جالساً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولا حرج عليك أن تدخل معه ولو كان قد بدأ الصلاة منفرداً على القول الراجح من أقوال أهل العلم، ودليل ذلك حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه بات خالته ميمونة – رضي الله عنها - في الليلة التي كان عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل قام ابن عباس – رضي الله عنهما - عن يساره، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه من ورائه فجعله عن يمينه، وقد نوى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة منفرداً، ثم نوى الإمامة، وما ثبت في النفل يثبت في الفرض إلا بدليل. فأجاب فضيلته بقوله: العمل في هذه الحال أن ينصرف من الصلاة، ويأمر أحد المأمومين الذين خلفه بتكميل الصلاة بالجماعة، فإذا قدرنا أنه تذكر وهو في الركعة الثالثة من الظهر أن ليس على طهارة، فإن الواجب عليه أن ينصرف، و لا يجوز أن يكمل الصلاة على غير طهارة، ويأخذ أحد المأمومين الذين خلفه ليتم الصلاة فيكمل بهم الثالثة، ويأتي بالرابعة ويسلم. فإذا قدر أنه لم يتذكر إلا بعد السلام، بطلت صلاته، أما صلاة المأمومين فصحيحة وليست باطلة. فأجاب فضيلته بقوله: الصواب من أقوال أهل العلم: أن الصلاة خلف العاصي صلاة صحيحة، إذا كانت الصلاة التي يصليها لم يفعل فيها ما يبطلها، فإن كان قد فعل فيها ما يبطلها فإن الصلاة خلفه لا تصح، مثل أن يكون هذا الإمام يصلي صلاة يسرع فيها، لا يطمئن فيها، ولا يدع من خلفه أن يطمئن، فهاهنا لا تجوز الصلاة خلفه، ويجب على من خلفه أن يفارقه ويتم الصلاة وحده؛ لأنه إذا كان تطويل الإمام إطالة مخالفة للسنة تبيح للمأموم أن يدع إمامه ويتم الصلاة وحده، إن ترك الإمام الطمأنينة يبيح الإنفراد، فإذا كان الإمام يسرع إسراعاً لا يتمكن المأموم فيه من القيام بواجب الطمأنينة فإنه يجب على المأموم في هذه الحال أن يفارق الإمام وأن يصلي وحده؛ لأن المحافظة على الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، والمحافظة على الإمامة واجب للصلاة ولا تعارض بين الركن والواجب. وأما إذا كان الإمام قد عصى معصية تتعلق بذاته ولا تؤثر على صلاته فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاته خلفه صحيحة، وقد صلى الصحابة – رضي الله عنهم – خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وقد علم أنه كان ظالماً مهدراً لدماء المسلمين، ولكننا نقول: إذا كنت تتمكن من الصلاة خلف إنسان مستقيم فإنه لا ينبغي لك أن تصلي خلف إمام غير مستقيم، فالمسألة من باب الأولوية، وليست من باب المحرم هذا القول الذي نراه أرجح الأقوال، والعلم عند الله. وأما مسألة تكسير القرآن: فإنه لا يجوز لإنسان أن يقرأ القرآن على غير الصواب، والقرآن – ولله الحمد – موجود بين أيدينا معرباً مصححاً واضحاً، فعلى الإنسان أن يقرأ القرآن سليماً حتى لو وقف عند الكلمة خمس دقائق، أو ربع ساعة وهو يتهجاها حتى يخريجها على الوجه الصحيح فإن هذا أولى من أن يقرأها على الوجه الخطأ هذا هو الواجب؛ لأن القرآن ليس كلام بشر، بل هو كلام الله عز وجل فأنت إذا نطقت به على غير ما صح، وعلى غير ما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمعنى ذلك أنك حرفت كلام الله، وتحريف كلام الله محرم هذا ليس كلام بشر ينقله ومعناه، ويجب على الإنسان أن يتأتى ويتأمل حتى لو ردد الكلمة عدة مرات ليأتي بها مستقيمة كان هذا هو الواجب عليه. ومثل هذا الإمام الذي أشار إليه السائل إن كان إماماً راتباً في المسجد فإن عليه أن يبلغ المسؤولين عن حال هذا الرجل ليبدلوه بغيره، وإن كان غير إمام راتب فإنه لا يجوز لأهل المسجد أن يمكنوه من الصلاة فيهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: إن الصلاة خلف إمام لا يعرف هل هو يقرأ الفاتحة أم لا مع العلم أن ممن يرى أن آخر ركعة من الصلاة لا تجب فيها قراءة الفاتحة نقول: إن الصلاة صحيحة؛ ولو كان يرتكب ما تراه خطئاً، فإنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد التي نصاً صريحاً لا يحتمل التأويل. أما إذا وجد شخص يعرف أنه يقرأ الفاتحة في كل ركعة فإن الأولى أن يصلي مع هذا الإمام الذي لا يقرأ الفاتحة في آخر ركعة. وأما ذهب إليه الإمام من أن آخر ركعة يجزى فيها التسبيح فإنني ال أعلم له أصلاً في السنة، والسنة على أنه لابد من قراءة الفاتحة في كل ركعة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما علم المسيء في صلاته كيف يصلي قال له -صلى الله عليه وسلم- وخلاصة الجواب أن الصلاة خلف من يخالف في أمر من فروع الدين في صلاته لا بأس بها. فأجاب فضيلته بقوله: إمامة الذي يتتعتع في القرآن جائزة مادام يقيم الحروف والكلمات والحركات، فإن من الناس من يكون النطق ثقيلاً عليه ويتتعتع فيه. إلا أن من أهل العلم من قال إنه يكره إمامة الفأفاء الذي يكرر الفاء، والتماتم الذي يكرر التاء، وكذا من يكرر غيرها من الحروف، قالوا إنه تكره إمامته، ولا ريب أنه كلما كان الإنسان أقرأ أي وجود قراءة، وأكثر حفظاً للقرآن فهو أولى بالإمامة مع تقواه وصلاحه لقول النبي عليه الصلاة والسلام -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الإمام لا يلحن لحناً يحيل المعنى فإن الصلاة خلفه تصح، ولكن يعلم حتى يتقن القراءة، أما إذا كان يلحن لحناً يحيل المعنى فإنه لا يصلي خلفه، ولا يجوز أن يبقى إماماً في هذه الحال. فأجاب بقوله: يجوز أن يقلد أحد القراء في قراءته، ما دام أداء القارئ الذي قلده جيداً. أما الصوت فلا يقلده فيه. حرر في 14 / 4 / 1419هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد انتشر في مساجد المسلمين في السنوات الأخيرة تركيب جهاز يسبب التشويش والإزعاج لكثير من المسلمين يسمى جهاز ترديد الصدى يضاف إلى مكبر الصوت لتضخيمه وترديد صداه في جنبات المسجد، مع العلم بأن ذلك يؤدي إلى أن يسمع المأموم قراءة الإمام وكأنه يردد كلمتين والحرف حرفين وخصوصا حروف الصفير، ويحصل من ذلك إزعاج وتشويش على بعض المصلين، نرجو من فضيلتكم بيان رأيكم في هذا وتوجيه نصيحة لمن يتسبب في جلب ما يشوش على المصلين إلى المسجد. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان لا يحصل من جهاز ترديد الصدى إلا تحسين الصوت داخل المسجد فلا بأس به؛ أما إذا كان يحصل منه ترديد الحروف فحرام؛ لأنه يلزم منه زيادة حرف أو حرفين في التلاوة، فيغير كلام الله تعالى عما أنزل عليه، قال في كتاب (الإقناع) وكره أحمد قراءة الألحان وقال: وهي بدعة. فإن حصل معها تغيير نظم القرآن وجعل الحركات حروفاً حرم. ا. هـ كلامه وأما كان الصوت يخرج عن المسجد من فوق المنارة فإن كان ليس حوله مساجد يشوش عليهم أو مساكن يتأذى أهلها بالصوت فأرجو أن لا يكون بذلك حرج، وأما إذا كان حوله مساجد يشوش عليهم أو مساكن يتأذى أهلها بالصوت فلا يرفعه من فوق المنارة لما في ذلك من أذية الآخرين والتشويش عليهم، وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: فكشف الستر وقال فأجاب فضيلته بقوله: لا بد تعرف ما معنى قوله-صلى الله عليه وسلم- (لا يجيد قراءة القرآن)، إن كان المعنى أنه لا يجيدها على الوجه جيد فالصلاة صحيحة. أما إذا كان لا يجيد القراءة يلحن لحناً يغير المعنى، ولا يقيم الكلمات، فنعم لا تصح الصلاة خلفه مع وجود قارئ مجيد للقرآن. فأجاب فضيلته بقوله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا ينبغي أن تؤم قومك وأنت لا تقرأ و لا تكتب وفيهم من هو أقرأ منك؛ لأن هذا خلاف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره -صلى الله عليه وسلم- كله خير. فمن كان أهلاً وأقرأ من غيره في هذا المكان يكون إماماً. إما إذا تعذر، وأبى كل منهم أن يكون إماماً، ولم يبق إلا أن تكون أنت الإمام، وأنت تعرف الفاتحة وما تيسر من القرآن ولو قليلاً، فإنه يصح أن تكون إماماً؛ لأن أهم شيء أن يكون الإمام يقرأ الفاتحة، ولا أظن أحداً من الناس يعجز عن قراءة الفاتحة. والخلاصة: أنه ينبغي أن يؤمكم أكثركم قرآناً، ولا ينبغي أن يتقدم أحد وهناك من هو أقرأ منه إلا إذا تعذر. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخلت المسجد لصلاة الجماعة ووجدتهم يصلون فصل معهم، حتى وإن كان الإمام ممن تكره؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، وقد حصلت فلا يحل لك أن تفرط فيها. ويبقى النظر في سبب كراهيتك لهذا الواجب على أن يزيل ما بينه وبين أخيه من أحقاد، وأن يبدل هذه الأحقاد ألفة ومحبة لأن الله تعالى قال وأما تناصحه، وتبين له الخلل حتى يقوم بإصلاحه، وليستقيم على أمر الله. أما ترك الناس بعضهم بعضاً إذا رأوا خللاً في دينهم، والإكتفاء بإضمار الحقد والعداوة لهم فإن هذا خلاف حال المؤمنين الذين قال الله فيهم: فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال تضمن مسألتين: المسألة الأولى: هذا الإمام الذي يتخلف عن المسجد ويخلف من لا يصلح أن يكون إماماً. وجواب هذا: أن مثل هذا الفعل محرم ولا يجوز؛ لأنه يأخذ على مرتباً شهرياً، و أيضاً الواجب في حقه إذا لم يستطع الإمامة أن يقدم استقالته حتى يدع المجال لمن يكون أهلاً، ويقوم بإمامة هذا المسجد. أما المسألة الثانية: فسؤالك عن إمامة من لم يكن قد تزوج الشباب. وجواب ذلك: أن إمامة غير المتزوج جائزة ولا حرج فيها، لقوله -صلى الله عليه وسلم- نصيحة للأئمة والخطباء قال فضيلة الشيخ – غفر له ولوالديه، ولجميع المسلمين - : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: الأئمة والخطباء هم الذين يقودون المجتمع؛ لأنهم يباشرون الناس مباشرة تامة في اليوم والليلة والأسبوع في خطبة كل جمعة، ولا شك أن لهذا تأثيراً كبيراً لا سيما مع وجود الصحوة التي لا تنكر بين الشباب المسلم.. فقد كان الناس قبل نحو عشرين سنة لا تكاد تجد في المسجد من الشباب إلا اليسير، أما الآن ولله الحمد فأكثر من في المساجد هم الشباب وهذا يؤذن بمستقبل زاهر لهذه الأمة، وليس هذا في البلاد السعودية فقط بل في عامة البلاد الإسلامية، فكل من يأتي إلينا من جهات متعددة ونسأله عنها يثنون على الصحوة الموجودة في بلادهم، وهذا لا شك من نعم الله – عز وجل – ونشير إلى أن المستقبل لهذه الأمة، ولكن هذه الصحوة تحتاج إلى قيادة تجمع بين العلم الشرعي والعقل الواعي؛ لأن الكلام بلا علم جهل، والجاهل يفسد أكثر مما يصلح؛ ولأن الكلام بلا عقل يؤدي إلى الاندفاع الجارف الذي تستولي عليه العاطفة، وإذا لم توزن العاطفة بميزان الشرع و العقل فإنها ستصير عاصفة تضر وهي وإن نجحت في إثارة الهمم والنشاط والإقبال في وقت ما، فإنها قد تكون العاقبة وخيمة، لكن إذا كانت الصحوة مميزة بالعلم الشرعي والعقل الواعي أمكن أن تسير على ما ينبغي بدون إزعاج وبدون نتائج عكسية، لهذا نحث إخواننا الخطباء والأئمة الذين يتكلمون أحياناً أدبار الصلاة أن يركزوا على هذا الأمر، على أن يكون الإنسان ناظراً للنتائج والمستقبل البعيد دون أن ينظر إلى الشيء الحاضر، فنار السعف لا شك أنها تشتغل بقوة وتضيء ما حولها لكن سرعان ما تخمد، أما نار الجمر فإنها تبقى ويحصل بها المقصود كثيراً؛ لأنها تنضج وتدفئ على وجه متأن ليس فيه ضرر. أريد من أخواني الخطباء والأئمة التركيز على هذا الأمر، أريد منهم أن يحرصوا دائماً على توحيد الكلمة، وتأليف القلوب والتحذير من التفرق لأشياء بسيطة هي من الأمور الخفيفة بالنسبة لغيرها من أصول الدين، لأن الإسلام جاء ليجمع الأمة لا ليفرقها، كما قال تعالى: ثانياً: إذا ثبت لدينا ما نعتقده خطأ فلنتأمل قبل أن نتكلم مع صاحب هذا الخطأ الذي نعتقده خطأ، نتأمل هل هذا الخطأ؟ أو هل لهذا وجه؟ قد يكون له وجه، وهذا الوجه إما أن يكون قوياً أو ضعيفاً، وفي المرحلة الثالثة نتصل بهدوء واحترام مع صاحب الخطأ الذي اعتقدناه خطأ لنبحث معه لا على وجه الانتقاد ولا على وجه الانتقام ولكن على وجه الإصلاح، وإرادة الحق والله – سبحانه وتعالى – يقول في كتابه العظيم ولكن مع الأسف إن بعض الناس إذا سمع خطأ من أحد مجرد سماع دون أن يثبت طار به بعض الناس إذا سمع خطأ من أحد مجرد سماع دون أن يتبث طار به في الآفاق ثم ينسى ما لهذا الرجل من الحسنات الكثيرة التي تطفو بل التي تغمر هذه السيئة أو السيئات، وهل هذا من العدل؟ هل من العدل أن يأخذ الإنسان بالسيئات دون أن يقارنها بالحسنات؟ هذا هو الجور. والله تعالى يقول في كتابه: ثم هناك أشياء من الأمور التي تعتبر خفيفة بالنسبة للأصول العظيمة في الدين الإسلامي ومن الأصل العظيم بل هو أصل الأصول بعد التوحيد الاجتماع على كلمة الحق. تجد رجلين مثلاً يختلفان في مسألة من مسائل الفقه ثم يحصل بينهما من العداوة واختلاف القلوب ما يحصل لأجل هذا، ثم كل واحد منهم يحاول أن يجمع حوله ما يجمع من الشباب أو غير الشباب فتتفرق الأمة وهذا والله ليس بالطريق السليم. السليم أن نجتمع على الحق وأن يذهب أحدنا إلى أخيه الذي ظن أنه أخطأ ليتكلم معه بهدوء واحترام إن كان أكبر منه علماً أو سناً فليتأدب معه بلطف لا يتكلم معه مكالمة النظير؛ لأنه أكبر منه سناً أو أكبر منه علماً، حتى لا يحصل من الآخر الذي يرى نفسه أكبر منه شيء من الأمور. فيجب على الإمام أن يكون أسوة حسنة في توجيهات الخلق فيما يرضي الله – عز وجل - . نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بكتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ظاهراً وباطناً، وأن يتوفنا على ذلك، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة وأن يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يصلي الرجل بأهله ومحارمه في السفر، فقد كان النساء يحضرون الصلاة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنس وأمه واليتيم. فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل لمن دخل جماعة والإمام في صلاة التراويح، وهم لم يصلوا العشاء، لكن يكونون في محل بعيد عن التشويش على المصلين، ثم إذا فرغوا من صلاة العشاء دخلوا مع الإمام. أما إذا دخل رجل واحد فقط والإمام يصلي التراويح وهذا الرجل لم يصل العشاء فإنه يدخل مع الإمام فيصلي خلفه بنية العشاء. فمثلاً إذا كان قد أدرك الإمام في الركعة الأولى من التراويح فإنه إذا سلم الإمام يأتي هذا بركعتين، وإن دخل في الركعة الثانية فإذا سلم الإمام أتى بثلاث ركعات، وقد نص الإمام أحمد – رحمه الله – على جواز هذه المسألة. فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز ذلك، فإذا دخل معه القادم نوى الجماعة، ولا ينبغي له أن يأبى فيحرم نفسه ويحرم الداخل ثواب الجماعة، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام يصلي من الليل وحده فجاء ابن عباس – رضي الله عنهما – فصلى معه، وما جاز في النفل جاز في الفرض؛ لأن الأصل تساوي أحكامهما إلا بدليل يدل على الخصوصية. فأجاب فضيلته بقوله: يجوز ذلك، كما يجوز صلاة الظهر خلف إمام يصلي العصر، وصلاة العصر خلف إمام يصلي الظهر؛ لأن لكل امرئ ما نوى، ولهذا قال الإمام أحمد: إذا دخلت والإمام يصلي التراويح وأنت لم تصل العشاء فصل خلفه، فهي فريضة وله نافلة. فأجاب فضيلته بقوله: إذا صلى شخص صلاة الظهر خلف إمام يصلي العصر فلا حرج في ذلك، وصلاته صحيحة على القول الراجح النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: إذا صلى رجل صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح فلما سلم من الإمام التراويح أتم الرجل صلاة العشاء فهذا جائز ولا بأس به، وقد نص على جوازه الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – وصح عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه - أنه كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة فتكون له نافلة ولمن خلفه فريضة. لكن إن كان مع هذا الرجل جماعة فالأولى أن يصلوا وحدهم صلاة العشاء في جانب من المسجد ليدركوا الصلاة كلها من أولها إلى آخرها في الجماعة. فأجاب فضيلته بقوله: إذا شرع الإنسان في الصلاة منفرداً ثم جاء آخر فصلى معه فلا بأس سواء في الفريضة أو في النافلة، أما في النافلة فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعله، وذلك حين بات عنده عبد الله بن عباس – رضي اله عنهما – فقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي من الليل وحده، فقام ابن عباس وصلى معه فأقره، وما ثبت في النافلة ثبت في الفريضة إلا بدليل. وأما مسالة الثانية وهي إذا دخل الإنسان مع الإمام وقد فاته بعض الصلاة، ثم قام ليأتي بما بقي فدخل معه آخر فهو أيضاً لا بأس به، لكن الأفضل تركه؛ لأن هذا ليس من هدي الصحابة أن أحدهم إذا قام يقضي ما فاته معه آخر جماعة. فأجاب فضيلته بقوله: هذا الإمام الذي نسي صلاة العصر ودخل في صلاة العصر المغرب، وتذكر في أثناء الصلاة أنه لم يصل العصر، يستمر في صلاة المغرب، فإذا أتمها أتى بصلاة العصر، وتصح منه صلاة العصر حينئذ، وهذا الحكم عام حتى ولو كان المصلي منفرداً؛ لأن الفريضة إذا شرع فيها الإنسان لزمه إتمامها إلا لعذر شرعي. فأجاب فضيلته بقوله: نعم تصح، لكن المتوضئ أولى إذا تساووا في الصفات الأخرى المعتبرة في الإمامة وهي القراءة والعلم بالسنة، وقدم الهجرة والإسلام وكبر السن ونحو ذلك مما هو معروف في ترتيب الأئمة الأولوية.
بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ محمد بن صالح عثيمين حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: هناك بعض أئمة المساجد والمؤذنين لهم وظائف وفي بعض الأحيان يتخلفون عن الإمامة والأذان ويبقون في الوظيفة وأحياناً يحضرون، وبعض المرات يوكلون من يصلي أو يؤذن بدلاً عنهم وبعض المرات لا يحضرون ولا يوكلون أحد، فما حكم ذلك؟ أفيدونا أثابكم الله. بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة اله وبركاته. الواجب على الموظف أن يقوم بواجب وظيفته سواء كانت إمامة أو أذاناً أو غيرهما لقوله تعالى: وإذا كان الإمام أو المؤذن لا يستطيع أن يقوم بالوظيفتين فليترك إحداهما لغيره، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. كتبه محمد الصالح العثيمين في28 / 4 / 1417هـ. فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: نسأل هذا الإمام لماذا يتخلف وقد التزم أما ولي الأمر، أو نائب ولي الأمر، وهو مدير الأوقاف، أن يكون في هذا المسجد؟ فلا يحل للإمام أن يتخلف فرضاً واحداً إلا بما جرت به العادة، كفرض أو فرضين في الأسبوع، أو إذا كان موظفاً ولا بد أن يغيب في صلاة الظهر فيخبر مدير الأوقاف ويرضى بذلك الجماعة، فلا بأس. يعني لا بد من ثلاثة أمور، إذا كان يتخلف تخلفاً معتاداً كصلاة الظهر للموظف: لا بد أن يستأذن من دير الأوقاف، ولا بد أن يستأذن من أهل الحي – الجماعة – ولا بد أن يقيم من تكون به الكفاية سواء المؤذن، أو غير المؤذن، أما أن يهملهم ولا يحضر، ولا يوكل ويبقى الناس صل يا فلان، صل يافلان، وربما يتقدم من ليس أهلاً للإمامة فهذا إضاعة للأمانة. فنخاطب من؟ نخاطب أول من نخاطب الإمام (لماذا تخلف؟) فإذا كان يتخلف عذر شرعي، أو بشيء معتاد كاليومين أو اليوم أو الثلاثة أيام في الأسبوع في فرض واحد، فلا بأس أما أن يبقى يتخلف أكثر الأوقات، ويقول أنا وكل المؤذن، أو فلاناً فهذا غلط، فليترك المسجد ويبري ذمته ويدعه لمن يتشوف له. أملاه محمد الصالح العثيمين في 1417هـ. فأجاب فضيلته بقوله: أما الشيء الذي يؤدي تركه إلى مخالفة الإمام فإن الإمام يتابع عليه، وأما الذي لا يخالف الإمام لا يرى ذلك، ولامأموم يرى ذلك فإنه يرفع يديه ولا حرج؛ لأنه لا يحصل بذلك مخالفة للإمام ولا تخلف عنه، وكذلك في الجلوس إذا كان الإمام لا يرى التورك والمأموم يرى التورك أو بالعكس، فإنه لا يتابعه، لأنه لم يختلف عليه ولم يخالفه، وأما إذا كان يقتضي التخلف مثل أن يكون المأموم يرى جلسة الاستراحة و الإمام لا يراها فإن المأموم لا يجلس؛ لأنه لو جلس لتخلف عن الإمام والنبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بالمبادرة في متابعة الإمام فقال فهذا هو الضابط في المتابعة، أي أن المأموم لا يفعل ما تحصل به مخالفة الإمام أو التخلف عنه. فأجاب فضيلته بقوله: إذا أخطأ الإمام في القراءة على وجه يخل بالمعنى فالواجب أن يرد عليه سواء في الفاتحة أو غيرها، وإذا كان لا يخل بالمعنى فإن الأفضل أن يرد عليه، ولا يجب. فأجاب فضيلته بقوله: ظاهر فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتأخر في بيته إلى وقت الإقامة، وهذا هو الأفضل في حق الإمام إلا أن يكون في تقدمه مصلحة كتعليم علم ونحوه. فأجاب فضيلته بقوله: لا بد أن ينظر سبب الكراهة لهذا الرجل أهي بحق كونه ليس على المستوى الديني الذي يخوله للإمامة، أو لكونه سيء المعاملة للجماعة يتقدم أحياناً، أو يتأخر أحياناً، أو ما أشبه ذلك من الأسباب التي توجب كراهته على وجه شرعي، فإذا كان الأمر كذلك فإنه يكره أن يبقى إماماً لهم كما نص على ذلك بعض أهل العلم، وبعضهم يرى أنه يحرم عليه أن يكون إماماً لهم في هذه الحال. أما إذا كانت كراهتهم بغير حق إنما يكرونه من أجل الحق الذي هو عليه لكونه يحرص على أدائهم للجماعة، ويغضب إذا تخلفوا عنها، فإننا ننصح من يتصف بهذه الصفة أن يبقى في إمامته، لكن إذا كانوا يكرهونه كراهة طبيعية فإن الأولى أن يحاول إزالة أسباب الكراهة، فإن لم تزل فالأولى أن لا يكون إماماً لهم. وخلاصة الجواب أن نقول: إذا كانوا يكرهونه لكونه مخلاً بما تقتضيه الإمامة من دين، أو معاملة فإنه يكره أن يبقى إماماً لهم أو يحرم، وإذا كانوا يكرهونه لكونه آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، متفقداً لجماعته، وناصحاً لمن يحتاج فليبق على إمامته والعاقبة للمتقين. وإن كانوا يكرهونه لا لهذا، ولا لهذا ولكن شخصية فالأولى أن يحاول جمع القلوب لإزالة فإن لم يفد فليدع الإمامة. فأجاب فضيلته بقوله: كأنك تقول إن هذا الرجل في حيه لا يقوم أحد مقامه، والناس محتاجون إليه، فهذا يكون تعليمه لهذه الطائفة فرض عين عليه، فإذا نظرنا إن كان في طرف البلد، وإن انتقل إلى بلد آخر، فإذا كان للضرورة فلا شيء عليه، كما لو سافر لطلب الرزق، وليس عنده ما يقتيه فمثل هذا لا حرج عليه، وعلى الجماعة أن يبحثوا لهم عن شخص آخر يقوم مقامه، أو يقوموا بكفاية هذا الرجل حتى يتفرع لهم. فأجاب فضيلته بقوله: يجب على الإمام أن لا يتأخر عن الصلاة لا في صلاة الظهر ولا الفجر، ولا في غيرهما من الأوقات، لأنه ملزم بذلك، وأما تأخره في الإقامة فإنه لا ينبغي إلا في الصلاة العشاء، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب فضيلته بقوله: نعم إذا كان الإمام لم يحفظ شيئاً من القرآن فإنه هذا العمل يجوز له أن يقرأ بالمصحف، و لا حرج عليه في ذلك؛ لأن هذا عمل من أجل إتمام الصلاة، والعمل لإتمام الصلاة لا يضر. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة عن يسار الإمام خلاف المشروع، فنقول لمن صلى عن يساره الإمام: إن فعلك هذا خلاف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد اختلف أهل العلم هل وقوفه هذا محرم، فتكون صلاته باطلة يجب عليه إعادتها؟ أو هو خلاف الأولى، فتكون صلاته صحيحة لكنه ترك الأولى؟ وعلى كل حال فالأحوط للإنسان أن لا يصلي عن يسار الإمام، وأن يكون عن يمينه كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام بابن عباس – رضي الله عنهما - . فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان لا يصلي مع الإمام إلا رجل واحد فإن المأموم يقف عن يمينه، ولا يقف عن يساره، لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه بات عند خالته ميمونة – رضي الله عنها – فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، فقام ابن عباس عن يساره فأخذه من وراءه، وأقامة عن يمينه، فهذا دليل أن المأموم إذا كان واحداً فإنه يكون اليمين، ولا يكون عن اليسار، أما إذا كان المأموم أكثر من واحد فإنه يكون خلفه. ويمين الصف أفضل من يساره، وهذا إن كانا متقاربين، فإذا بعد اليمين بعداً بيناً فإن اليسار والقرب من الإمام أفضل، وعلى هذا فلا ينبغي للمأمومين أن يكونوا عن يمين الإمام حتى لا يبقى في اليسار إلا رجل أو رجلان؛ وذلك لأنه لما كان المشروع في حق الثلاثة أن يكون إمامهم بينهم، كان أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره ولم يكونوا عن اليمين، فدل هذا على أن الإمام يكون متوسطاً في الصف أو مقارباً. والخلاصة: أن اليمين أفضل إذا كانا متساويين أو متقاربين، وأما مع بعد اليمين فاليسار أفضل لأنه أقرب إلى الإمام. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: تقدم الإمام على المأمومين سنة، فإذا كان لا يمكن لضيق المكان فلا بأس أن يكون بينهم في الوسط. فأجاب فضيلته بقوله: المسافة التي بين الإمام والمأموم ينبغي أن تكون قريبة كالمسافة التي بين الصفوف؛ لأن من خلف الإمام صف فينبغي أن لا يكون بين الإمام والمأموم إلا مقدار ما يكون بين الصفوف بعضها مع بعض، وينبغي دنو الصفوف بعضها من بعض، ودنو الإمام من المأمومين أيضاً؛ لأن الجماعة كلما قربت صارت أدل على الاجتماع إذا تباعدت، وأما ارتفاع المأموم عن الإمام فإن هذا لا بأس به، وأما ارتفاع الإمام على المأموم فإن هذا لا ينبغي إلا بمثل ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذراع أو نحوه فإنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فصار يصلي فوق المنبر قائماً وراكعاً، فإذا أراد السجود نزل وسجد في أصل المنبر وقال: إنما فعلت ذلك لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي. وقد قيده بعض العلماء بما إذا لم يكن مع الإمام في موضعه أحد من المأمومين فإن كان معه أحد كما لو كان الإمام وبعض المأمومين في السطح في الأسفل فلا بأس. فأجاب فضيلته بقوله: الكلام على هذه المسألة في مقامين: المقام الأول: هل تصح صلاة المنفرد خلف الصف أو لا. والمقام الثاني: إذا قلنا لا تصح فوجد الصف تاما فماذا يصنع؟ فأما المقام الأول: فقد اختلف العلماء – رحمهم الله – فيه فقال بعضهم: تصح صلاة المنفرد خلف الصف لعذر ولغير عذر، لكن صرح بعضهم بكراهة ذلك لغير عذر، وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، واستدلوا بصحة صلاة المرأة خلف الصف حيث قالوا: إن الرجال والنساء سواء في الأحكام الشرعية. وبأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر أبا بكرة حين ركع قبل أن يدخل الصف أن يعيد الصلاة. وبأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أدار ابن عباس من ورائه في أثناء الصلاة. فإذا جاز أن يكون الانفراد في جزء من الصلاة جاز أن يكون في جميعا، إذ لو كان مبطلاً للصلاة لم يكن بين قليله وكثيره فرق كالوقوف قدام الإمام. وأجابوا عن الأحاديث النافية لصلاة المنفرد خلف الصف بأن المراد بها نفي الكمال فهي كقوله -صلى الله عليه وسلم- وقال بعض العلماء: إن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح وهذا مذهب الإمام أحمد المشهور عند أصحابه وهو من مفرداته. وعنه رواية ثانية تصح وفاقاً للأئمة الثلاثة. أما الأثر: فما رواه الإمام أحمد عن علي بن شيبان – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف فلما انصرف، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما النظر: فإن الجماعة هي الاجتماع، ويكون بالمكان والأفعال، فالأفعال اجتماع المأمومين على متابعة إمامهم، والمكان اجتماعهم في صفوفهم، وإذا قلنا بجواز انفراد بعضهم عن بعض فمتى تكون الهيئة الاجتماعية كل واحد في صف منفرداً عن بقية الجماعة. وأجاب من الرجال قد دلت السنة على أنه من خصائصها كما في حديث أنس قال وأما الحديث أبي بكرة فإنه لم ينفرد إلا جزءاً يسيراً وقد قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما حديث ابن عباس فإنه لم يقف خلف الصف بل كان ماراً غير مستقر. وأما قولهم: إن المراد بنفي الصلاة نفي الكمال، فدعوى مردودة؛ لأن الأصل في النفي نفي الوجود، فإن لم يمكن فنفي الصحة، فإن لم يمكن فنفي الكمال. وحديث وأما تنظيرهم بحديث أحدهما: أن العلة في هذا هو انشغال القلب بحضور الطعام، وانشغال القلب لا يوجب بطلان الصلاة كما في حديث الوسوسة أن الشيطان يأتي إلى المصلي اذكر كذا؛ اذكر كذا؛ لما لم يكن يذكر؛ فيظل لا يدري كم صلى. الوجه الثاني: أن حديث وبهذا تبين أن القول الراجح وجوب المصافة، وأن من صلى وحده خلف الصف فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها؛ لتركه واجب المصافة، ولكن هذا الواجب كغيره من الواجبات يسقط بفوات محله، أو بالعجز عنه عجزاً شرعياً، أو عجزا حسياً لقوله تعالى: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مثال الأول: إذا وجد الصف تاماً فله أن يصلي وحده لأنه لا واجب مع العجز. ومثال الثاني: إذا كانت امرأة مع رجال فإنها تصلي وحدها خلف الصف كما ثبتت به السنة، وهذا الذي جاءت به السنة يمكن أن يكون أصلاً يقاس عليه صلاة الرجل وحده خلف الصف إذا لم يجد مكاناً فيه؛ لأن التعذر الحسي كالتعذر الشرعي. ويوضح ذلك: أن الرجل إذا جاء ووجد الصف تاماً فأما أن يتقدم ويقف بجنب الإمام، أو يجذب واحداً من الصف ليقف معه، أو يصلي وحده منفرداً عن الجماعة أو يصلي مع الجماعة، خلف الصف. فأما تقدمه إلى جنب الإمام ففيه: 1 - مخالفة السنة بإفراد الإمام وحده ليتميز عن المأمومين بتقدمه عليهم مكاناً وأفعالاً، ولا يرد على هذا وقوف النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جانب أبي بكر، لأن الذي جاء ووقف هو الإمام وقف إلى جانب نائبه، وأيضاً فإن أبا بكر لا يمكنه الرجوع إلى الصف، وأيضاً فإن من مصلحة الجماعة أن يكون إلى جنب النبي ليبلغهم تكبيره.. 2 - وفي المأموم الذي وجد الصف تاماً إلى جنب الإمام إيذاء للجماعة الذين سيتخطاهم ليصل إلى الإمام. 3 - وفيه تفويت للمصافة لمن جاء بعده، فإنه لو قام وحده وجاء آخر صار صفاً. وأما جذبه واحداً من المأمومين ليقف معه ففيه ثلاثة محاذير: أحدهما: فتح فرجة في الصف، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أمر بالمراصة ونهى أن ندع فرجات للشيطان. الثاني: أنه ظلم للمجذوب بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. الثالث: أنه يشوش عليه صلاته، وربما ينازعه ويشاتمه إذا فرغ منها، ولا يرد على هذا ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لمن رآه يصلي وحده خلف الصف وأما تركه الجماعة وصلاته منفرداً فهو ترك لواجب الجماعة مع القدرة عليه فيكون وقوعاً في المعصية. وأما صلاته مع الجماعة خلف الصف قيام بالواجب عليه بقدر المستطاع، فإن المصلي مع الجماعة يلزمه أمران: أحدهما: الصلاة في الجماعة. والثاني: القيام في الصف معهم، فإذا تعذر أحدهما وجب الآخر. فإن قيل: إن قوله -صلى الله عليه وسلم- فالجواب: أن هذا دال على بطلان الصلاة للمنفرد لتركه واجب المصافة، فإذا لم يقدر عليه سقط عنه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يبطل صلاته لتركه ما لا قدرة له عليه، ونظير هذا الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- وخلاصة الجواب: أن المصافة واجبة، وأن من جاء وقد كمل الصف فإنه يصلي مع الجماعة خلف الصف، ولا يتقدم إلى الإمام ليصلي إلى جنبه، ولا بجذب أحداً من الصف ليقف معه، ولا يترك صلاة الجماعة. وجواز صلاته الجماعة منفرداً عن الصف للعذر هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه، وشيخنا عبد الرحمن سعدي وبعض قول من يرى الجواز منطلقاً. والحمد لله رب العالمين. فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة خلف الصف المنفرد لا تجوز ولا تصح على القول الراجح وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد – رحمه الله – وإن كان عنه رواية أخرى أنها تصح وهو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك، وأبي حنيفة، والشافعي. ولكن الراجح أنها لا تصح خلف الصف المنفرد إلا إذا تعذر الوقوف في الصف بحيث يكون الصف تاماً، فإنه يصلي خلف الصف منفرداً تبعاً للإمام؛ لأنه معذور، ولا واجب مع العجز كما قاله أهل العلم – رحمهم الله – وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام جعل المرأة تقف خلف الصف منفردة عن الرجال للعذر الشرعي، وهو عدم إمكان وقوفها مع الرجال، فإن العذر الحسي أيضاً يكون مسقطاً لوجوب المصافة، وذلك لأنه في هذه الحال إذا لم يجد الرجل إلا موقفاً خلف الصف منفرداً فإما أن يصلي منفرداً وحده عن الجماعة، أو يجذب واحداً من الصف ليكون معه، أو يتقدم ليصلي إلى جانب الإمام هذه الأحوال الأربع التي يمكن أن تكون لهذا الرجل الذي لم يجد موقفاً في الصف. فنقول له: أما التقدم إلى الإمام حتى يكون إلى جانبه فإن فيه محذورين أحدهما: الوقوف مع الإمام في صلاة الجماعة هذا خلاف السنة لأن الأفضل أن ينفرد الإمام في مكانه، ليكون إماماً متميزاً عن الجماعة منفرداً عنهم في المكان ليعرف إنه إمام، وأنه لا ثاني معه ولا يرد على هذه قصة أبي بكر – رضي الله عنه – حين جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر يصلي بالناس فكان على يسار أبي بكر وأبو بكر عن يمينه؛ لأن أبو بكر رضي الله عنه هو الإمام أولاً ويتعذر أن يرجع إلى صف وراءه لأنه متصل فوقوف أبو بكر هنا على سبيل الضرورة. المحذور الثاني: أنه إذا تقدم مع الإمام فإنه سوف يتخطى الصف. أو الصفين، أو الثلاثة حسب ما يجد أمامه من الصفوف. وفي هذه الحال – أي تقدمه إلى الإمام – يكون هناك فوات أمر مطلوب وهو أنه إذا تقدم وصلى مع الإمام، ثم دخل آخر ولم يجد مكاناً في الصف فمعناه أن سيتقدم إلى الإمام، ويكون مع الإمام رجلان، لكن لو أن هذا لم يتقدم إلى الإمام وبقي خلف الصف ثم جاء الثاني صار صفاً معه. أما لجذبه لواحد من الصف الذي أمامه فهذا أيضاً يترتب عليه عدة محاذير: المحذور الأول: فتح فرجة في الصف وهذا من قطع الصف وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام المحذور الثاني: أن هذه الفرجة التي حدثت في الصف فإن الغالب أن الناس يتقاربون، وحينئذ يؤدي إلى حركة جميع الصف، ولولا جذب هذا الرجل ما تحرك الصف ولبقي الناس على أمكنتهم. المحذور الثالث: أنه ينقل صاحبه الذي جذبه من المكان الفاضل إلى المكان المفضول وفي هذا نوع اعتداء عليه. أما الحالة الثالثة وهي: أن نقول انصرف ولا تصلي مع الجماعة لأن الصف تام، وحينئذ نحرمه من صلاة الجماعة، ويكون منفرداً في موقفه وفي صلاته أيضاً. وتبقى عندنا الحالة الرابعة وهي: أن نقول له كن خلف الصف منفرداً في المكان، موافقاً في الأفعال، هذه الأخيرة هي خير الأقسام بلا شك فإذا كانت هي خير الأقسام فإنها تكون هي المطلوبة ونقول له قف خلف الصف وصل مع الإمام منفرداً؛ لأنك معذور. وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام وبهذه المناسبة: أود أن أبين أن ما ورد نفيه للنصوص فله ثلاث حالات: الحال الأولى: أن يكون نفياً لوجوده وهذا هو الأصل مثل: لا خالق إلا الله، هذا نفي لوجود خالق للخلق سوى الله – عز وجل – وهذا أعني نفي الوجود الذي يجب عليه حمل النفي أولاً؛ لأنه الأصل. الحال الثانية: إن لم يمكن حمل النفي على نفي الوجود، وكان الشيء موجوداً، فإنه يحمل على نفي الصحة شرعاً مثل الحال الثالثة: إن لم يمكن حمل على نفي الصحة لوجود دليل يمنع من ذلك فإنه يحمل على نفي الكمال مثل وعلى هذا فقوله -صلى الله عليه وسلم- إلى جناب الوالد المكرم الفاضل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله بطاعته آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، ونحن والحمد لله على ما تحبون وبعد: وجدت في إعلام الموقعين الجزء الثاني ص 276 ما نصه (رد السنة الصحيحة في من أجاز صلاة الفذ خلف الصف). ونحن في حالة كما ترى أن أمرنا الفذ في إعادة الصلاة ونظرنا قول الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله تعالى – فهو قوي عن شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – وإن نظرت إلى قول ابن القيم فإذا هو كذلك، وحديث وابصة حديث علي بن شيبان وتحيرت لقلة ما معي من البضاعة، فأرجو منكم إفادتي والله يحفظكم ويرعاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كلام ابن القيم وجدته في النسخة التي عندي المطبوعة مع حادي الأرواح في ص 416 ج2 ومراده به الرد على من قال بجواز الصلاة فذاً خلف الصف بدون عذر، واستدلوا بوقوف المرأة إلى آخر ما نقل عنهم، ورد عليهم، وهو لا يناقض كلام شيخه شيخ الإسلام ابن تيميه حيث قال إن ابن القيم – رحمه الله – صرح في ص29 ج2 من نسختي بأن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه وتعذر عليه الدخول في الصف ووقف معه فذاً صحت صلاته نظير ما قاله شيخه – رحمهم الله – حكماً وتعليلاً فلا معارضة، ولا خلاف بينهما، وقولهما هو الحق إن شاء الله وهو صحة صلاة الفذ مع العذر. كتبه محمد الصالح العثيمين في 28 / 3 / 1394 هـ والحمد لله رب العالمين. بسم الله الرحمن الرحيم من محبكم محمد الصالح العثيمين إلى الأخ... المكرم حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:: والحمد لله على ذلك ورزقنا الله تعالى و أياكم شكر نعمته، وحسن عبادته. سؤالك عن رجل يصلي وحده فيدخل معه آخر ويكون إماماً له فهل تصح صلاتهما. فالجواب: نعم تصح صلاتهما، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس كذلك سؤالك عمن لم يجد من يصافه، ولا تيسر أحد يجذبه فهل تصح صلاته؟ فالجواب: نعم، تصح صلاته؛ لأنه معذور، والواجب يسقط بالعذر وهذا هو القول المتوسط الذي تؤيده الأدلة. والقول الثاني: تصح صلاة المنفرد خلف الصف لعذر أو لغير عذر. والقول الثالث: لا تصح لا لعذر ولا لغير عذر إذا صلى ركعة فأكثر. هذا ما لزم، شرفونا بما يلزم، والسلام عليكم ورحمة وبركاته. 24 / 2 / 1387هـ. فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحديث لاشك أنه يدل على صحة صلاة الفذ يعني الذي يتخلف عن صلاة الجماعة وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- فإن قال قائل: ذكرنا قاعدة أم من رجح قولاً على قول لزمه شيئان: الأول دليل الترجيح. فما جواب شيخ الإسلام ابن تيميه عن هذا الحديث؟ أجاب عنه – رحمه الله – بأن هذا في حق المعذور، أي أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ المعذور بسبع وعشرين درجة، فحمله – رحمه الله – على المصلي فذاً بعذر، ولكن قد نقول لشيخ الإسلام ابن تيميه إن المعذور إذا تخلف عن الجماعة وكان من عادته أن يصليها فإنه يكتب له الأجر كاملاً كما ثبت ذلك في الصحيح: أما قول القائل: وهل دليل على تهاون من يتهاون في صلاة الجماعة؟ فنقول: ليس فيه دليل على ذلك؛ لأن هناك أحاديث بل وهناك من القرآن ما يدل على وجوب صلاة الجماعة.؟ فنقول: ليس فيه دليل على ذلك، لأن هناك أحاديث بل و هناك من القرآن ما يدل على وجوب صلاة الجماعة. فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة لها ثلاثة أوجه: إذا جاء الإنسان ووجد أن الصف قد تم. فإما أن يصلي وحده خلف الصف. وإما أن يجذب أحداً من الصف فيصلي معه. وإما أن يتقدم فيصلي إلى جانب الإمام الأيمن. وهذه الصفات الثلاث إذا دخل في الصلاة. وإما إن يدع الصلاة مع هذه الجماعة، فما المختار من هذه الأمور الأربعة؟ نقول: المختار من هذه الأمور الأربعة: أن يصف وحده خلف الصف ويصلي مع الإمام؛ وذلك لأن الواجب الصلاة مع الجماعة، وفي الصف، فهذان واجبان، فإذا تعذر أحدهما وهو المقام في الصف، بقي الآخر واجباً، وهو صلاة الجماعة، فحينئذ نقول: صل مع الجماعة خلف الصف لتدرك فضيلة الجماعة، والوقوف في الصف في هذه الحال لا يجب عليك للعجز عنه، وقد قال الله سبحانه وتعالى: فهذا الرجل الذي أتى المسجد والصف قد تم ولم يكن له مكان حسي في الصف سقطت عنه حينئذ المصافة، ووجبت عليه الجماعة. فليصل خلف الصف، وأما أن يجذب أحداً ليصلي معه، فهذا لا ينبغي؛ لأنه يترتب عليه ثلاثة محاذير: المحذور الأول: فتح فرجة في الصف، وهذا خلاف ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرص وسد الخلل بين الصفوف. الثاني: نقل هذا المجذوب من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. وهو نوع من الجناية عليه. والثالث: تشويش صلاته عليه، فإن هذا المصلي إذا جذب لا بد أن يكون في قلبه حركة، وهذا أيضاً من الجناية عليه. والوجه الثالث أن يقف مع الإمام: فلا ينبغي له؛ لأن الإمام لابد أن يكون متميزاً عن المأمومين بالمكان، كما أنه متميز عنهم بالسبق بالأقوال والأفعال، فيكبر قبلهم، و يركع قبلهم، ويسجد قبلهم، فينبغي أن يكون متميزاً عنهم في المكان. وهذا هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الإمام يتقدم المأمومين، وهذه مناسبة ظاهرة لكونه متميزاً عنهم منفرداً بمكانه، فإذا وقف معه بعض المأمومين زالت هذه الخاصية التي لا ينبغي أن ينفرد بها إلا الإمام في الصلاة. أما الوجه الرابع وهو أن يدع الجماعة، فهذا لا وجه له أيضاً؛ لأن الجماعة واجبة، و المصافة واجبة، فإذا عجز عم إحداهما لم تسقط الأخرى عن الأولى. فأجاب فضيلته بقوله: إذا وجد الرجل الصفوف تامة فإنه يجوز له أن يصلي وحده خلف الصف، ويتابع الإمام لكونه معذوراً في مثل هذه الحالة، لأنه لم يتمكن من دخول الصف مع المصلين، والواجبات تسقط بالعذر والعجز عنها. ولا يسحب أحد من الصف؛ لأن الأحاديث الواردة في سحب أحد حديث ضعيف لا تقوم به الحجة؛ ولأن السحب من الصف يؤدي إلى مفاسد منها: نقل المسحوب من مكانه الفاضل إلى المكان المفضول. ومنها التشويش عليه. ومنها أن ذلك قد يوغر صدره الذي سحبه. ومنها أنه يفتح في الصف فرجة فيقطع الصف. ومنها أنه ربما يتحرك الصف كله فيكون ذلك سبباً لحركات المصلين كلهم أو أكثرهم. وأما إذا وجد الصف لم يتم ولكنه لم يفرش فإنه يجب عليه أن حتى في المكان غير المفروش، ولا يجوز أن يصلي خلف الصف؛ لأن هذا ليس بعذر، فإنه بإمكانه أن يصلي في هذا المكان الذي لم يفرش، وإذا كان يشق عليه مباشرة الأرض بجبهته وأنفه فإنه بإمكانه أن يضع منديلاً أو نحوه يتقي به الأرض، وكذلك إذا كان معه أحد فيكونا في الصف ولو بدون فراش ويتقيا الأرض كما أسلفنا بمنديل أو نحوه فيسجدا عليه. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخل اثنان فوجدا الصف الأول أو الثاني ليس فيه إلا مكان رجل واحد فإنهما يصفان جميعاً، فإنه لو دخل أحدهما لبقي الآخر منفرداً، ففي هذه الحالة الأفضل أن يصلياً معاً خلف الصف، أما إذا وجدا في الصف مكان رجلين فإنهما يتقدمان إليه، ولا يبقيان خلف الصف وحدهما، لأن هذا خلاف السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- حث على تكميل الصف الأول فالأول، ولكن لو قدر أنهما فعلا ذلك فإن صلاتهما صحيحة لأن واحداً لم ينفرد عن الآخر. فأجاب فضيلته بقوله: وقوف المرأة دائماً يكون خلف الرجل سواء كانت من محارم الرجل الذي يصلي بها أو من غيره محارمه، ومن المعلوم أن الصلاة بغير المحارم لا تجوز إذا كانت المرأة وحدها، اللهم إلا إذا لم يكن هناك خلوة كأن يحضر إمام المسجد إلى المسجد وليس فيه إلا امرأة كما يوجد في بعض المساجد في أيام العشر الأواخر من رمضان فإنه قد يحضر الإمام وليس في المسجد إلا امرأة ويشرع في صلاة القيام حتى يتجمع الناس. المهم أن موقف المرأة مع الرجال خلفهم سواء من محارمها أو من غير محارمها. وعلى هذا إذا صلى الرجل إماماً بزوجته فإنها تقف خلفه. فأجاب فضيلته بقوله: أما الأول وهو: كون النساء يقمن صفاً أمام الرجال فإن هذا بلا شك خلاف السنة؛ لأن السنة أن يكون النساء متأخرات عن الرجال، لكن الضرورة أحياناً تحكم على الإنسان بما لا يريد، فإذا كان أمام المصلي صف من النساء، أو طائفة من النساء فإن الصلاة خلفهن إذا أمن الإنسان على نفسه الفتنة جائزة، ولهذا من عبارات الفقهاء قولهم (صف تام من النساء لا يمنع اقتداء من خلفهن من الرجال). وأما مصافة الرجال للنساء فهذه فتنة عظيمة ولا يجوز للرجل أن يصف إلى جنب المرأة فإذا وجد الإنسان امرأة ليس له مكان إلا بجانبها فينصرف ولا يقف جنبها؛ لأن هذا فيه فتنة عظيمة والشيطان كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: فأجاب فضيلته بقوله: إذا صلى الرجال خلف النساء فإن أهل العلم يقولون لا بأس، لكن هذا خلاف السنة؛ لأن السنة أن تكون النساء خلف الرجال، إلا أنكم كما تشاهدون في المسجد الحرام يكون هناك زحام وضيق، فتأتي النساء وتصف، ويأتي رجال بعدهن فيصفون وراءهن، ولكن ينبغي للإنسان أن يتحرز عن هذا بقدر ما يستطيع؛ لأنه ربما يحصل من ذلك فتنة للرجال، فليتجنب الإنسان الصلاة خلف النساء، وإن كان هذا جائزاً حسب ما قرره الفقهاء، لكننا نقول: ينبغي للإنسان أن يتجنب هذا بقدر المستطاع. وينبغي للنساء أن لا يصلين في موطن يكون قريباً من الرجال. فأجاب فضيلته بقوله: يقدم الإمام ثم يصلي مع المأموم، وإن شاء سحب المأموم ثم يصل. وهذا على حسب المكان، قد يكون المكان واسعاً. وقد يكون ضيقاً؛ قد يكون واسعاً من جهة الإمام فهنا يدفع الإمام، وقد يكون واسعاً من جهة المأموم فهنا يجذب المأموم. فأجاب فضيلته بقوله: الواجب على من كان حوله مسجد أن يذهب إلى المسجد ويصلي فيه، ولا يحل له أن يصلي في بيته ولو جماعة على القول الراجح، ولكن إذا لم يكن حولهم مسجد وكانوا في مكان واحد في عمل، أو دراسة، وأن المكان الذي يكون فيه الإمام ضيقاً ولكن هناك مكبرات صوت تؤدي الصوت إلى من كانوا في محل آخر فإنه لا حرج عليهم أن يتابعوه إذا كان متصلاً بعضهم ببعض، أما لو كانوا متفرقين بحيث لا يتصل بعضهم ببعض فإن هذا موضع نزاع بين أهل العلم. فمنهم من قال: إن الإتمام لا يصح إلا إذا رأوا الإمام، أو رأوا المأمومين. ومنهم من قال: إنه يصح؛ لأن المقصود المتابعة وهي حاصلة بهذا الصوت. وعلى القول بأن لا يصح فإن كل طائفة تعقد الجماعة في محلها. فأجاب فضيلته بقوله: ما دام المسجد واحداً فلا يشترط أن يرى بعضهم بعضاً إذا كانوا يسمعون تكبير الإمام. كتبه محمد الصالح العثيمين في 25 / 8 / 1410 هـ. فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للمرأة وللرجل أيضاَ أن يصلي مع الجماعة في المسجد وإن لم ير الإمام ولا المأمومين إذا أمكن الاقتداء، فإذا كان الصوت يبلغ النساء في مكانهن من المسجد ويمكنهن أن يقتدين بالإمام فإنه يصح أن يصلين الجماعة مع الإمام؛ لأن المكان واحد، والاقتداء ممكن سوء كان عن طريق مكبر الصوت، أو عن طريق مباشر بصوت الإمام نفسه، أو بصوت المبلغ عنه، ولا يضر إذا كن لا يرين الإمام ولا المأمومين، وإنما اشترط بعض العلماء رؤية الإمام أو المأمومين فيما إذا كان الذي يصلي خارج المسجد، فإن الفقهاء يقولون يصح اقتداء المأموم الذي خارج المسجد أن رأى الإمام أو المأمومين، على أن القول الراجح عندي أنه لا يصح للمأموم أن يقتدي بالإمام في غير المسجد وإن رأى الإمام المأموم إذا كان في المسجد مكان يمكنه أن يصلي فيه، وذلك لأن المقصود بالجماعة الاتفاق في المكان وفي الأفعال، أما لو امتلأ المسجد وصار من كان خارج المسجد يصلي مع الإمام ويمكنه المتابعة فإن الراجح جواز متابعته للإمام وإتمامه به سواء رأى الإمام أم لم يره إذا كانت الصفوف متصلة. وزيادة في بيان المسألة أقول: أولاً: إذا كان المأموم في المسجد فإتمامه بالإمام صحيح بكل حال، سواء رأى الإمام أم لم يره، رأى المأمومين أم لم يرهم؛ لأن المكان واحد. ومثاله: أن يكون المأموم في الطابق الأعلى، أو في الطابق الأسفل، والإمام فوق، أو يكون بينهم حاجز من جدار أو سترة. ثانياً: إذا كان المأموم خارج المسجد فإن كان في المسجد سعة فإتمامه بالإمام لا يصح سواء رأى الإمام، أو المأموم، أو لم يرهما؛ لأن الواجب أن يكون مكان الجماعة واحداً. ثالثاً: إذا لم يجد مكانا ً في المسجد وكان خارج المسجد فإن كانت الصفوف المتصلة كأنهم في المسجد. فأجاب فضيلته بقوله: إن كان السائل يريد أن يصلي الإنسان مؤتماً بمن يصلون، كما لو كان الجهاز مفتوحاً على صلاة الحرم، وقال إنه سيصلي مؤتما بإمام الحرم فإن هذا لا يجوز. أما إذا كان القصد أن يصلي والتلفزيون أمامه على الماصة فإن هذا لا بأس به ولا حرج إذا كان لا يشتغل، فإن كان يشتغل فإنه لا ينبغي أن يصلي وبين يديه شيء يشغله عن الصلاة. فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للإنسان أن يقتدي بالإمام بواسطة الراديو أو بواسطة التلفزيون؛ لأن صلاة الجماعة يقصد بها الاجتماع، فلا بد أن تكون في موضع واحد، أو تتصل الصفوف بعضها ببعض، ولا تجوز الصلاة بواسطتهما، وذلك لعدم حصول المقصود بهذا، ولو أننا أجزنا ذلك لأمكن كل واحد أن يصلي في بيته الصلوات الخمس، بل الجمعة أيضاً، وهذا مناف لمشروعية الجمعة والجماعة، وعلى هذا فلا يحل للنساء ولا لغيرهن أن يصلي أحد منهم خلف المذياع أو خلف التلفاز. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الإنسان في المسجد فإنه يجوز أن يقتدي بالإمام إذا سمع صوته وإن لم يره، أما إذا كان خارج المسجد لعدم وجود مكان في المسجد فلا بد أن تتصل الصفوف حيث أمكن، وذلك لأن المقصود بالجماعة اجتماع الناس، وأن يكونوا جماعة واحدة، فإذا تفرقوا فإنه ليس ذلك بجماعة، وعلى هذا فإذا اتصلت الصفوف في المسجد إلى السوق فإنه يجوز أن يصلي الإنسان ولو كان خارج المسجد، وذلك لإمكان المتابعة، وأما إذا لم تتصل الصفوف لا يصلي خلف الإمام، فإن كان معذوراً عذراً شرعياً فلا إثم عليه، وإن كان غير معذور فإنه يجب أن يذهب إلى المسجد ويصلي مع الجماعة. والله الموفق. فأجاب فضيلته بقوله: لا ريب أن الأفضل في الصفوف أن تكون متراصة غير متباعدة، هذا هو السنة. وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتراص، وسد الخلل. وكان الصحابة رضي الله عنهم – يتقون الصفوف بين السواري – أي بين الأعمدة –لما في ذلك من فصل الصف عن بعض. ولكن إذا دعت الحاجة إليه كما في السؤال بأن يكون المسجد مزدحماً المصلين، فإنه لاحرج في هذه الحال أن يصطفوا بين الأعمدة؛ لأن الأمور العارضة لها أحكام خاصة، وللضرورات والحاجات أحكام تليق بها. فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج عليه أن يصلي وهو يدافعها؛ لأن هذا بغير اختياره، ثم لو حصل أن تنفس ثم توضأ لعادت إليه فلا فائدة. نعم إن كانت تهون عليه إذا تنفس فتنفس ثم توضأ ثم صل. على كل حال مدافعته إياها في الصلاة لا تضر ما دامت هذه منتهى قدرته. فأجاب فضيلته بقوله: ذكر أهل العلم أنه من خاف فوات ماله، أو تلف ماله فإنه معذور بترك الجماعة، ولا سيما إذا كان هذا المال مشتركاً بين أناس كثيرين كطعام المجاهدين أو غيرهم وهذا له وجهة نظر. ولكن ينبغي أن يحتاط الإنسان بحيث يجعل وقت طبخ هذا الطعام في غير وقت الصلاة حتى يحصل له المصلحتان جميعاً. المكرم صاحب الفضيلة الشيخ محمد الصالح عثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فإن بعض أعضاء الهيئة يتحرجون من بقائهم إلى بعد خروج بعض المساجد من الصلاة، وتعلم يا فضيلة الشيخ أننا نضطر في بعض الأحيان إلى التأخر، نرجو من فضيلتكم التكرم بإفتائنا في هذا الموضوع علما لا يخرج وقت الصلاة، وجزاكم الله خيراً. فأجاب فضيلته بقوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: ليس عليكم حرج إذا بقيتم في توجيه الناس إلى الصلاة ولو تأخرتم عن الصلاة في المساجد؛ لأن هذا للمصلحة العامة وتوجيه للخير فإن أدركتم آخر المسجد فصليتم فيه فذاك، وإلا فأنتم تصلون جماعة، وفق الله الجميع لما فيه رضاه. كتبه محمد الصالح العثيمين فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن يجب على المأمومين في هذه الحال أن يستأنفوا الصلاة من جديد، لأن إمامهم لا تصح صلاته، وإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة المأمومين، إلا إذا بقي الإمام ناسياً حدثه حتى انتهت الصلاة المأمومين حينئذ تصح صلاتهم هذا هو القول الأول. والقول الثاني: أن صلاة المأمومين صحيحة في هذه الحال وذلك لأن المأمومين معذورون، لم يطلعوا على حدث الإمام، وهم غير مكلفين بما لا يعلمون؛ لأن سبحانه وتعالى يقول: فأجاب فضيلته بقوله: العمل في هذه الحال أن ينصرف من الصلاة، ويأمر أحد المأمومين الذين خلفه بتكميل الصلاة بالجماعة، فإذا قدرنا أنه تذكر وهو في الركعة الثالثة من الظهر أنه ليس على طهارة، فإن الواجب عليه أن ينصرف ولا يجوز أن يكمل الصلاة على غير طهارة، وليأخذ أحد المأمومين الذين خلفه ليتم الصلاة فيكمل بهم الثالثة، ويأتي بالرابعة ويسلم. فإذا قدر أنه لم يتذكر إلا بعد السلام، بطلت صلاته، وأما صلاة المأمومين فصحيحة وليست باطلة. فأجاب فضيلته بقوله: له الخيار بين الأمرين، بدليل ما جاء في قصة الرجل الذي انفرد وصلى وحده حين أطال معاذ بن جبل – رضي الله عنه – بهم القراءة، فلما سلم معاذ بن جبل قال إن هذا الرجل قد نافق وشكاه الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: فأجاب فضيلته بقوله: إذا قطع المصلي صلاته الفريضة فإما أن يكون لسبب شرعي، أو لغير سبب شرعي، فإن كان لسبب شرعي فلا إثم عليه، وإن كان لغير سبب شرعي فعليه الإثم، فإذا كان إماماً ولم يستخلف فإن للمأمومين واحداً من أمرين: إما أن يكملوا فرادى، وإما أن يقدموا أحدهم، أو يتقدم أحد منهم ليكمل بهم الصلاة، ولا حرج عليهم في هذا مع أن الأولى إذا حصل للإمام ما يسوغ الخروج من الصلاة أن يستخلف هو حتى لا يحصل ارتباك بينهم. والله الموفق. فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه ورعاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لدنيا في المسجد رجل سقيم فيه رائحة كريهة تنفر المصلين، وقد جرى نصحه بإزالة هذه الروائح فلم يفعل، فهل يجوز إخراجه من المسجد؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. فأجاب فضيلته بقوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان في هذا الرجل السقيم الذي ذكر السائل رائحة كريهة فلا بأس من إخراجه من المسجد إذا لم يزل هذه الرائحة عنه؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى من أكل ثوماً أو نحوه مما له رائحة كريهة أن يقرب المساجد، وعلى هذا فإذا قرب المسجد من كان فيه رائحة كريهة فقد عصى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعصية النبي -صلى الله عليه وسلم- منكر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- بل في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا وجد ريحهما – يعني البصل والثوم – من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع فمن أكلهما فليتمها طبخاً. ولهذا قال في شرح المنتهى وفي شرح الإقناع: يستحب إخراجه من المسجد – يعني إخراج من فيه رائحة كريهة – من إصنان أو بصل أو نحوهما، والله الموفق. قاله وكتبه محمد الصالح العثيمين في 22 / 3 / 1399 هـ. فأجاب فضيلته بقوله: نسأل الله أن يمن عليك الشفاء، وأنت لا حرج عليك إذا صليت في البيت الجمعة وغير الجمعة، لأنك معذور، وإذا علم الله من نيتك أنه لولا هذا الذي فيك لصليت في الجماعة فإنه يكتب لك أجر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في غزوة تبوك ولكن أرجو أن تنظر هل إذا تطيبت بطيب زكي قوي الرائحة هل رائحته تغطي على ما عندك من الرائحة؟ إن كان الأمر كذلك فاحرص على هذا وتطيب به، أما إذا لم يفد فيه ذلك فأنت معذور، وإذا تطيبت بالطيب القوي الزكي الرائحة الذي تضمحل معه الرائحة الكريهة، فإنك تصلي في المسجد الصلوات الخمس وصلاة الجمعة. والله الموفق.
|